لا شك أن العالم يشهد في عصرنا الحالي تطورًا تكنولوجيًا مذهلاً وصل إلى حدٍ يُعتبر خياليًا لو تنبأ به أحد في الماضي لوصف بأنه “هرطقة”، ولو تحقق في العصور القديمة لاعتُبر “معجزة”!
العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا
عند مناقشة العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا، والتي هي نتاج عقله ويديه، أي ثمرة جهده وتفكيره، يبرز سؤال مثير للتفكير: أيهما أقدر وأعظم، الإنسان أم التكنولوجيا؟ هذا السؤال يثير الجدل لأنه يقارن بين طرفين غير متكافئين، بين الصانع والمصنوع، وبين المتحكم والمتحكم به.
من النظرة الأولية، يبدو واضحًا أن التكنولوجيا هي صناعة الإنسان، فهو من ابتكرها وطورها ويسيطر عليها ويوجهها لخدمة أهدافه وتحقيق مصالحه. كما أن لديه القدرة على إزالتها أو إيقاف تأثيرها إذا أراد. بمعنى آخر، التكنولوجيا هي أداة بين يدي الإنسان، يستخدمها كما يشاء لتحقيق المنفعة أو تجنب الضرر.
من جهة أخرى، لا تملك التكنولوجيا أي دور في تكوين الإنسان أو التحكم في حياته إلا بالقدر الذي يسمح به الإنسان نفسه. دورها يقتصر على توفير سبل الراحة أو المساعدة للإنسان، أو حتى التسبب في المشقة إذا أسيء استخدامها.
والتكنولوجيا، في تاريخ البشرية الطويل الذي يمتد لملايين السنين، تُعد مرحلة حديثة نسبيًا في تطور حياة الإنسان وتقدمه الصناعي والعلمي. منذ بدء الخليقة، استطاع الإنسان اكتشاف قوانين الطبيعة وتسخيرها لصالحه، مما يجعله الكائن الأقدر على هذه الأرض، بغض النظر عن مدى تقدم التكنولوجيا.
استخدام التكنولوجيا في الخير والشر
تبقى التكنولوجيا والمخترعات مجرد أدوات مادية لا تمتلك القدرة على التفكير أو التحكم في نفسها. هي مبرمجة من قبل الإنسان، وهو من يوجهها للاستخدام الذي يرغب فيه، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا. لذلك، لا يمكن وصف التكنولوجيا بالإيجابية المطلقة أو السلبية المطلقة، بل يعتمد ذلك على كيفية استخدام الإنسان لها. هي أداة يمكن أن تُستخدم لخدمة البشرية أو الإضرار بها، وفقًا لإرادة الإنسان.