الرسوم الأمريكية تكشف هشاشة إدارة الحكومة العراقية للأزمات الاقتصادية

وكالة أوساط الإخبارية | في ظل إعلان الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على بعض السلع، حاولت الحكومة العراقية، ممثلة بوزارة التجارة، التقليل من شأن القرار، معتبرة أنه لا يستهدف العراق بشكل مباشر.

وصرّح المتحدث الرسمي باسم الوزارة، محمد حنون، أن العراق معفى من هذه الرسوم فيما يتعلق بالصادرات النفطية المباشرة، وأن التأثير سيكون “غير مباشر” على الاقتصاد الوطني.

لكن، وبعيدًا عن التطمينات الرسمية، يرى عدد من الخبراء والمراقبين الاقتصاديين أن هذا الحدث يسلط الضوء على فشل منهجي ومستمر في تعامل الحكومة العراقية مع الأزمات الاقتصادية العالمية، وعلى الافتقار إلى استراتيجية متكاملة لحماية الاقتصاد الوطني من الصدمات الخارجية.

إهمال التنويع الاقتصادي واعتماد مفرط على النفط

رغم عشرات التحذيرات، ما تزال الحكومة تعتمد بشكل شبه كامل على صادرات النفط كمصدر رئيسي للإيرادات العامة، دون أي جهود جادة لتنويع الاقتصاد أو خلق بدائل إنتاجية في قطاعات الزراعة، الصناعة، أو الخدمات.

ولذلك، فإن أي اضطراب – حتى وإن كان “غير مباشر” – في سلاسل التوريد العالمية أو في السياسات التجارية للدول الكبرى، يمكن أن يترك تأثيرًا واسعًا على الاقتصاد العراقي بسبب غياب التوازن الهيكلي.

غياب الرؤية الاستراتيجية

بدلاً من الاستعداد لمثل هذه التحولات عبر سياسات وقائية واستشرافية، تُظهر تصريحات المسؤولين استمرار عقلية ردّ الفعل، حيث تنتظر الحكومة وقوع الأزمة قبل أن تتحرك، وغالبًا ما تكتفي بتشكيل لجان دون نتائج ملموسة.

فتصريحات حنون بشأن تشكيل لجنة “برئاسة رئيس الوزراء” جاءت بعد الإعلان الأمريكي، ما يثير تساؤلات حول مدى جاهزية الدولة للتعامل مع مثل هذه التحديات في وقتها الحقيقي.

إدارة متأخرة، غير شفافة، ومحدودة الأثر

إن “الإجراءات العاجلة” التي تحدث عنها المتحدث باسم وزارة التجارة لم تُعلن تفاصيلها، ما يعكس ضعف الشفافية الحكومية، ويجعل من الصعب على الرأي العام أو المختصين تقييم جدواها أو مساءلة الجهات المسؤولة عنها.

كما أن الخطاب الرسمي لا يتطرق إلى الحلول الجذرية، ولا يُظهر أي تحول في السياسات الاقتصادية أو انفتاح على شراكات تجارية بديلة تُقلل من الاعتماد على العلاقات الأحادية.

رسالة إلى الحكومة: إدارة الأزمات لا تعني تبريرها

الرسالة الأهم التي يجب أن تستوعبها الحكومة العراقية هي أن إدارة الأزمات الاقتصادية لا تعني تبرير آثارها أو التقليل من شأنها، بل تتطلب رؤية بعيدة المدى، وقدرة على بناء اقتصاد مرن، مستقل، وقادر على التفاعل مع التحديات الدولية.

خاتمة: لا أزمة بلا فرصة… إن أحسنّا التصرف

لو كانت هناك إرادة سياسية حقيقية، لكان قرار الرسوم الأمريكي جرس إنذار لإعادة ترتيب أولويات الاقتصاد العراقي، بدلًا من اعتباره خبرًا عابرًا.

كل أزمة تحمل في طياتها فرصة، لكن الحكومة لا ترى إلا الأزمة، ثم تديرها بأسلوب بيروقراطي يفتقر إلى الشجاعة والابتكار.

والسؤال الذي يبقى معلقًا: إلى متى؟

إلى متى نظل ندفع ثمن غياب الرؤية، وانعدام الجرأة، والعجز عن التحول من دولة ريعية إلى دولة منتجة؟
الإجابة لن تأتي من واشنطن… بل يجب أن تبدأ من بغداد.

الكاتب الصحفي: ثائر الغزي