
المحامي الحسين الابراهيمي
مع تصاعد الحديث بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تتجه الأنظار نحو التحولات الإقليمية والدولية التي قد تطرأ نتيجة لهذا السيناريو. يُعد نظام الأسد محورًا أساسيًا في التحالف الذي يجمع سوريا مع إيران، وبدعم من قوى أخرى مثل روسيا وبعض الفصائل العراقية. في المقابل، كانت دول إقليمية ودولية أخرى داعمة للمعارضة السورية، مما يجعل سقوط الأسد حدثًا قد يُعيد صياغة التحالفات ويغير موازين القوى في المنطقة.
على مدى سنوات الصراع السوري، لعبت العديد من الدول دورًا محوريًا في دعم المعارضة السورية. من أبرز هذه الدول تركيا، التي استضافت المعارضة السورية وقدمت دعمًا لوجستيًا وسياسيًا، إضافة إلى دول الخليج العربي مثل المملكة العربية السعودية وقطر، اللتين قدّمتا دعمًا ماليًا وسياسيًا كبيرًا للمعارضة المسلحة والسياسية.
كما دعمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى الجهود الرامية إلى تقويض نظام الأسد، سواء عبر فرض العقوبات الاقتصادية أو دعم الفصائل المعتدلة في المعارضة المسلحة. وقد ركزت هذه الدول على ضرورة التخلص من نظام الأسد باعتباره عاملًا رئيسيًا في استمرار الصراع وفي خلق أزمة إنسانية غير مسبوقة.
بعد سقط نظام الأسد، فمن المتوقع أن تسعى هذه الدول إلى تعزيز نفوذها في سوريا من خلال دعم حكومة بديلة قد تُمثّل مختلف مكونات الشعب السوري، وتسعى لإعادة بناء البلاد بعد سنوات من الحرب والدمار.
على الجانب الآخر، يُعد سقوط نظام الأسد ضربة قاسية لإيران، التي استثمرت موارد ضخمة لدعمه خلال الصراع. فقد اعتبرت طهران سوريا جزءًا من “محور المقاومة” الذي يُمكّنها من التأثير في لبنان عبر حزب الله، ومن مواجهة إسرائيل استراتيجيًا.
من المتوقع أن تسعى إيران للحفاظ على نفوذها في سوريا حتى بعد سقوط الأسد، سواء عبر دعم الفصائل المسلحة الموالية لها أو من خلال التفاوض مع أي حكومة جديدة لتأمين مصالحها.
أما روسيا، فقد كانت تدعم الأسد لاعتبارات سياسية واستراتيجية، أبرزها الحفاظ على قاعدة طرطوس البحرية وتأمين نفوذها في الشرق الأوسط. بعد سقوط الأسد، قد تحاول موسكو إعادة تموضعها سياسيًا عبر التفاهم مع القوى الدولية والإقليمية المؤثرة
بالنسبة العراق، الذي دعم الأسد قد يجد نفسه في موقف صعب بعد سقوط النظام السوري. فبينما يعتمد استقراره جزئيًا على عدم انهيار الجار السوري، قد تكون هناك فرص للعراق للتقارب مع القوى الإقليمية الأخرى في إطار رؤية أوسع لاستقرار المنطقة.
سقوط نظام الأسد قد يفتح الباب لمرحلة جديدة من الصراع على النفوذ في سوريا. قد يتطلب ذلك تدخلًا دوليًا مكثفًا لضمان استقرار البلاد وإعادة إعمارها. ومن المرجح أن تلعب الدول الداعمة للمعارضة السورية دورًا أكبر في تشكيل المشهد السياسي الجديد،
يبقى السؤال الأهم: هل سيكون سقوط الأسد نهاية للصراع السوري، أم بداية لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في منطقة تعج بالتحولات والتحديات؟